قد جاء اليوم المزعوم بعد عدة حروب داخلية انتهت بموت الأمل ، كانت فيها الخسائر وخيمة و ثقلها التاريخي في حياتي كاد أن يكون تاريخ وفاتي
بعض تفكير دام سنين عديدة ، في كل سنة اكتشف سببا اخر يدفعني بشغف حاد لأقوم بإنهاء ما أنا عليه الآن ، حتى و إن كنت لا أعترف بأنني لازلت على الوجود بكل ما أملكه من معتقد عن نفسي
إن الماضي و ذكرياته كانوا الأحداث الأخيرة التي عشتها و أنا على قيد الحياة ، أما ما يقع الآن فلا يعدو أن يكون سرابا أمامي ، كان كله ركاما من الأوهام المشابكة فيما بينها ، أما السؤال عن ماذا سيقع فيما بعد كان في مخيلتي منتهيا قبل حدوثه
أصبح فعل التألم شيئا فارغا ، كالفضاء الخالي ، او بالأحرى الألم هو تخدير لنفسي المتعطشة لتذوق المرارة البائسة ، إن الوصول إلى قمة التعذيب التلقائي رغبة في الشعور بشيئ حيوي يغذي الجانب المظلم منك ، إنه لاحتضار متريث
كان ما يحيطني من علاقات ، أقوال ، أحكام و نظرات يجعل الأيام تمر سوداوية أكثر فأكثر ، و أنا أنتظر النهاية باجتلاد عظيم لكي أختلص من كل تلك النقط الدائرية المتركزة حولي
كانت العزلة اختيارا مأسويا ، كانت سجنا مسالما لكنها دائما تكون اختناقا مخفيا ، أما الظلام فكان غيمة فوقي ، تظلني في بعض الأحيان ، و تمطر بغزارة في أحيان أخرى ، و أنا أتأمل كل ما يناقد نفسه ، أضل عن الطريق رويدا رويدا
و قد جاء اليوم الموعود الذي كان بالنسبة إلي ميلادا جديدا في عالم آخر ، ربما سأعاني فيه أكثر قسوة من الحالي أو أنني لن أوجد في أي مطرح أخر ، و هذا ما كنت آمله ، الإختفاء عن الوجود ، و كأنني أتغافل عن حقيقة ما يوجد بعد الموت ، فهل يا ترى كانت الكآبة حاجزا جعلني أبدوا جاهلة لكل ما يدور حوله العالم
في هذا اليوم بالذات كنت مبتسمة لأن بكل بساطة لن أنتظر مزيدا ، ضحيت بالساعات الأخيرة لمحيطي ، قدمت الورود العطرة لكل من التقيت به و كأنها لحظات وداع أخيرة ، و دخلت في عزلتي المألوفة ، أطفئت الأنوار كلها و أشعلت الشموع الحمراء ، و زينت الأرضية بورود بيضاء و كأنها كفن لي .... لتمر الثواني ثم الدقائق ليختلط دمي ببياض أوراق الورود وسط هذا النور الخافت لأمسك بالوردة الأكثر جمالا من بينهم لتشهد على طهارة الدموع المنهمرة في هذه الجنازة التي كنت فيها وحيدة أيضا كباقي الأيام الأخرى .....
الشموع قد ذابت فوداعا
Write by : Hajar Belhachmi
