ما كان لي سوى الرغبة في البعد المطلق من هذا الواقع المشؤوم و أنا أترنح بين ظلال الظلام الأبدي الذي أصبح يعيش بداخلي ، إنه يسكنني مصاحبا لروحي المنكسرة إلى أجزاء التي عجزت عن إلمامها ، إنه يستحوذني رافضا الرحيل ،عشيقا لمطرحي .
فما كان لي سوى الرغبة في التخلص من هذا العبئ الذي أثقلني في الوصول إلى أي مرتبة أردتها بخالص طهارة نفسي الراغبة ، إن الثقل يزداد حتى أنه أحدث لي شللا داخليا أعاق كل من أفكاري و إلهاماتي ، إنه يقودني للهاوية آبيا التراجع و لا الإستلام.
فما كان لي مفر إلا في الإنصهار في دوامة العجز و الضعف و في العلوق في سباق للركض بدون نهاية محددة ، لم يكن أبدا معياره الربح أو الخسارة ،بل كان هدفه التدمير و الإقصاء من حلبة الصراع الكونية راميا بك في بعد مجهول مغاير لا حدود و لا معنى له.
فما كان لي مفر إلا في القتال في حرب داخل جلدي ، فيها أحارب نفسي المجنونة و المتمردة على كل قوانين العيش العادي ، و أنا في هذا الصراع قتلت نفسي عدة مرات ، دفنت روحي و هي لازالت تفوح بالحياة ، خنقت الجانب غير المادي من خلال غرق كل تلك الإختلاجات التي كانت تتجول في عروقي الميتة .
فما كان لي سوى مشاهدة نزيفي الداخلي يتدفق إلى محيطي الفارغ من كل حس باطني ، و أنا أترنح بين جروحي العميقة التي شوهت مظهري الروحاني ، و كأن لكل تلك الكدمات جمال خاص تتألق و تنتعش به في كل مرة أبصر إنعكاس صورتي في مرآتي المنكسرة.
كأن الدنيا تعزف لي لحن حتفي كل يوم للجنازة التي مرحومها قلبي و الذين تنهمر عيونهم دموعا من دم فما كانوا إلا أجزائي المتناثرة الأخرى ، و لازلت أحتضر بين ضلوعي المهمشة بقوة العسر الممارس عليها من كل الإتجاهات ، و لازلت تائهة بين شمالي و جنوبي ، ضائعة المنحى ، فاقدة للطريق ، هاجرة لمربعي ، تاركة خلفي كل شيئ ، لأغرق رويدا رويدا في الظلام و الفراغ الأبدي.
كأن الحياة ترمي بي بين النعيم و البؤس ، بين الجنة و جهنم ، بين الماء و النار ، فما كان لي سوى الهروب من البعدين الممزيقين بينهما ، و الرحيل بخطوة نحو غير الممكن ساعية لتحقيق التوازن في بعد وحيد شبيه لذاتي الغربية عني ، و أثناء رحلتي كنت احتفي انتصاري في هاته الحرب الداخلية بوحدتي المميزة.
فما كان لي سوى الرغبة في إطفاء كل الأنوار التي تحاول تنوير مطرحي ، فأشعلت كل الشموع السوداء و نفخت عليها طارحة كل صرخات الألم و الوجع ، تعظيما للظلام الذي هيمن على روحي .
Written by : Hajar Belhachmi