Tuesday, December 29, 2020

فلنتغير للأحسن : قصة قصيرة ذات معنى Let's Change For The Better : A Short Story With A Lesson

الذنب ليس بذنبي إنما هو ذنب الظروف القاسية التي جعلتني أصبح ما أنا عليه الآن ، بدون إنسانية ، مجردا من الأخلاقيات ، مفتقرا لأساسيات الآدب .
مازال رنين أنين الأرواح الهالكة يراود مسمعي ، لحد الآن لا أميز بين قطرات العرق المتزحلقة من جسمي و بين قطرات الدم الملطخة لجلدي عديم النعومة ، أنا لا أتقن العد بعد الآن ، فالجروح و الندبات على جسدي أجهل كم منها أو لحجمها، أما للجروح الداخلية فقصة أخرى أعمق لا يمكن تقريبها حتى في المخيلة .
يا أيها السادة ، انصتوا لتعريفي للتلذذ ، فما هو إلا تقطيع ، تهشيم ، ذبح ، خنق ثم قتل ، التلذذ هو الإستحمام بدم ضحيتك و أنت تغازل الجثة الهامدة أمامك ، خاصة و إن كانت متفرقة في كل بقعة من مطرح احتضارها .
يا أيها السادة ، قد عرفتكم كيف سأتلذذ بكل واحد منكم ، فلتعرفوني إذن بما أصبحت عليه ، فأنا أجهل ما أنا عليه ، فمن العار أن أنتمي إليكم .
(نطقت طفلة من المجموعة المكبلة الغارقة بين أحضان الرعب )
الطفلة : كيف لك أن لا تنتمي إلينا ، و أنت تشبه أجسامنا ؟ كل حراكاتك تمثل السلوكات البشرية ، لكن أنت غريب قليلا !
(اقترب منها و هو يراقبها بحدة و قال ): ما هو الغريب أيتها الملاك ؟
(حملقت في الأرجاء و هي تحاول أن تجد جوابا )
الطفلة : لأك من صنع هذه الغرابة حولك ، فأنت تقول أنك لا تنتمي إلينا ، أنا أعتقد أنك لا تحب أن تكون واحدا منا فقط
(الصمت يهيمن ، الرعب يسيطر ، الجو خانق مشحن بشحنات شيطان الموت )

فقال : أنتم الغرباء عني ! أنتم الذين جعلتوني ما أنا عليه بأفعالكم القذرة ، بشجعكم ، بأنانيتكم ، بحقدكم ، باستحقاركم ، فأنتم تستحقون ما سأفعله بكم ، أنا أشفي جروحي في كل مرة عندما أعطي الفرصة لشخص لكي يتعذب و يحتسي من كأس الدنيا القاسية !

الطفلة : لما لا تصبح صديقي ، و تطعمني بعد من الحلوى و الشوكولاته ، فأنا حقا جائعة و أشعر بالبرد .
قال : من يهتم لجوعك أو بردك ، فأنا عانيت من التشرد ؟ مددت يدي للتسول و لكنني قمعت ، همشت ، أهنت ، لقد أروني أشد أساليب العنف ، فكيف أرحم بك الآن ؟ و لم يرحم بي شخص آخر من قبل !
الطفلة : ربما تكون ذلك الشخص الذي تمنيت أن يكون مساعدا لك ، أن يكون خلاصك ، أن يطعمك ، أن يعتني بك ، أن يحضنك و يحن عليك
قال  : لما أكون أنا ، و الجميع لم يكن
الطفلة : إنني أشاهد العديد من مسلسلات الكرتون ، و دائما ما أرى أن هناك شخص فجأة يأتي و ينقد الناس ، ربما أنت البطل هنا .
(ينظر إليها نظرة عطف و حب و يداعب شعرها الحريري )
قال : يا لسذاجتك ، يا لبراءتك ، فأنت لن تري شيئا من جنون الإنسان بعد ! تحدثي أين أبواك ؟
الطفلة : أنا أعيش في الخيرية ، أبواي في السماء ، إذا أردت التحدث معهم يمكننا أن نجلس معا و نتواصل معهم من خلال النجوم في الليل .
قال : يا له من اقتراح رائع ! ما رأيك إذن أن أصبح والدك ؟
الطفلة : لماذا ؟ ألست مصرا على إرسالي لرؤية والداي .
قال : يا أيها السادة ! إنها تتوق لرؤية والديها فلما لا نبدأ بها أولا ؟
(الذعر سيد المكان ، الألسنة عقدت ، الأبدان تشللت )
قال : ألم تغيري رأيك ؟ هل بإمكاني أن أصبح والدك ، أعدك سأهتم بك !
الطفلة : أنت تخيفيني !
قال: ما رأيك يا عزيزني الصغيرة أن أريبك ، و أعطيك الحنان الذي حرمت منه طوال حياتي كلها !
الطفلة : حقا ! أنا موافقة
(اعتلت على وجهه ابتسامة مثيرة و دمعت عيناه ، ارتجف قلبه ،نعم إن قلبه أعيد للحياة ، فحمل الطفلة بين ذراعيه و نسي أمر المجموعة المكبلة ، لقد نسي الماضي ، إنه بالفعل فقد شهوته للتلذذ، إنه غارق الآن  في كيفة إسعاد هذه الطفلة ، كيف أن يكون أبا صالحا ، كيف له أن يربيها على أحسن وجه ، كيف له أن لا يخطئ في أي تصرف ، كيف يعلمها أن تبتعد عن الرذيلة ، و الأهم من ذلك كيف يشعرها بعدم الحرمان  )
قال : هذه الكائنات الصغيرة ، حقا هي العجيبة و الغريبة و ليس أنا ، أنا أشعر الآن بشعور لم يزرني من قبل ، إنه شعور يلذذني أيضا ، يجعلني راضيا
الطفلة : ربما هو شعور الإنتماء الذي لم تشعر به من قبل !
قال : أنا الآن أنتمي إلى عائلة صغيرة ، أنا و أنت .
الطفلة : صحيح يا والدي .
(رحل الرجل مع الطفلة إلى بلد آخر هاربا من العدالة ، آخدا معه كل ثروته إنه في الغنى الفاحش ، متمنيا أن يكون مستقبلا للفتاة الصغيرة .
إنه آمل جديد ، حياة مغايرة للسابقة ، بل إنها حياة مفعمة بالحياة إن صح المعنى ، فعلا إن الإنسان لذو طبيعة متغيرة ، يمكنه الإرتقاء و كذلك يمكنه أن يختار المنزلة الوضيعة ، إننا نحن كأشخاص يمكننا الإنتماء أو عدم الإنتماء ، إنها مسألة اختيار و قدر ... فهل فعلا ندرك متى سنتغير ، متى نصبح شخصا أفضل ، متى سننجح ، متى سنصل ! طبعا لا و لكن الزمن يجيب ، فعلى أي حال فلنتغير للأحسن !
Write by : Hajar Belhachmi



18 comments:

  1. مر وقت طويل على اللغة العربية😂😂😢هناك وقت لتكتبي

    ReplyDelete
  2. Perfect ❤️❤️🖤👌🏻👌🏻
    لا يمكنني أن أصف مدى اعجابي

    ReplyDelete
    Replies
    1. أنا أيضا لا يمكنني وصف مدى سعادتي بدعمك لي المتواصل 🌹

      Delete
  3. Replies
    1. Oh ! I am sorry 😕 , you can check other posts in English ....

      Delete
  4. Replies
    1. That's great to know that you are ready to learn Arabic i am here to help you !

      Delete
  5. ثمة أمر ما ، أ حدس هو أم نظرة استباقية ... لا أدري ، ما أدريه حقا ، بأنه يوما ما .. ربما غدا أو بعد غد ... سأقرأ إبداعا أدبيا من توقيعك

    ReplyDelete
    Replies
    1. إن شاء الله ، مهما كان الطريق طويلا لتحقيق أحلامنا ، يوما ما سنصل و سنبدع و أتمنى لك كل التوفيق أيضا

      Delete

وردية العمل

  كأن الساعات تتضاعف و الضيق على صدري ينقبض أكثر فأكثر، و القلق يتشكل عرقا على جبيني، أحمِل  تراكمات الأيام و سخط الأمس معي، اترقب موعد حريت...