في ذلك الخراب الذي نتج عن حطام أعمدة اليقين بالنجاة من كوارث سيرورة الحياة، و أثناء ضجيج قلبها المنكسر و اختناق روحها الوحيدة، كانت تجلس بسكون و تشاهد تراكم الخيبات على صدرها المثقل بالأحزان، لقد كانت تعيسة، نعم تعيسة جدا و على عتبة الانهيار بالكامل، إن كل انهزام أمام نفسها الطموحة، و كل فشل أمام ذاتها المقاومة، تحبط و تلقي اللوم على نفسها الوهنة، إنها محاصرة في معارك داخلية، تهجم على خصمها و تحاول أن تخلِّص عليه، لكنها في لحظة انتصارها تشعر بالألم الشديد، تصرخ وجعا، و تبكي ضعفا، و تقع أرضا محتضرة بجانب عدوها، لتكتشف فيما بعد أنها كانت تحارب نفسها فقط، فتشعر بالندم و تلوم نفسها مرة أخرى.
الأسى و سوى الأسى لها، مقدر و محتوم عليها، الشفقة على حالها و التأسف لكل ما يحدث لها، الحسرة و سوى الحسرة لها، الدموع لا تخمد نار الجوى، و لا المواساة تريح روحها المعذبة، إن الهلاك في قلبها و البؤس في عينيها، مما يثير رغبة الظلام في الاستحواذ على أيامها، أيام الشقاء الدائم في فجوة الفراغ المطلق، فبأي منطق تكلمها على الأمل؟ فرجاء كفى من أكاذيب وهمية حول تحسن الأوضاع، حين أن تلك الأوضاع من الأسوء إلى الأسوء أكثر من ذي قبل. لقد كانت تعيسة جدا، و ضائعة في زوايا الماضي البعيد، في تراجع للوراء و في انفصال عن الواقع، إننا نفقدها، ألا تكاد ترى أن حضورها أصبح غيابا؟ فكفى من تلاوة خطابات بدون روح، إنها فقط تحتاج إليكم لاستيعاب كم أنها حقا تعيسة.
بقلم: هاجر بلهاشمي
No comments:
Post a Comment