عند استيقاظ الأرواح الضالة ، أصبحت المقبرة بلا قيود الواقعية ، عندما ارتدت السماء حجاب الظلام كسرت كل حواجز المنطق و تحررت النفوس من الحياة ، صورة من أوهام ينسجها العقل الباطني فترى كأحلام ، أجساد نائمة هالكة في المخاوف أو متعمقة في العواطف ، ضياع كوني يمتد للعالم الآخر ، لقد فتحت أبواب العالمين ، الأرواح تنزح شمالا و غربا ، يسارا و يمينا إلى كل المرابع حيث الماضي لم يدفن بعد ، ذكريات في رفوف النسيان أزيل عنها غبار السنوات ، وحان وقت كتابة السطور المفقودة .
أنا نكرة ، أجهل ما كنت عليه ، في وادي الموت أقطف ورودا ذابلة و أخذ دم العذارى عطرا ، أرتوي بسموم فراق العشاق ، أتحسر على القلوب الممزقة و أبكي مع صراخ المشاعر أثناء لحظات الوداع ، في كل برهة تحيط النار بظلالي الأسود ، فأرقص ألما و أتطاير رمادا ، ثم أعزف لحن الحنين لحب تلاعبت به أمواج القدر مدا و جزرا ، فمن أنا ؟ ملاكي العفيف أسمع من بعيد ، سكينة نفيسة أشعر من قريب ، عزيزتي ، يا بلورة ثمينة تجعل خجلي يحترق مشتاقا ، لحضن ألفته ، لحياة سابقة ، لنعيم كنت أنا ملاكه الحارس على سرمدية عهد حب طاهر .
في الجسر المهجور ، في ليلة لقاء العشاق ، مشاعر ترزق بكنوز الولاء و قلوب تنبض لوجود توأم الروح ، رياح عاتية و ثلوج متساقطة ، كاد الجسر أن يصبح قطعة ابداعية من جليد ، دقت ساعة تصادم الخيال مع الواقع ، و زيارة أشباح الذكريات ، بخطوات مترددة تركت آثارا ملموسة ، نحوك يا روحي الضائعة ، ركضت بأمان إليك لأعوض دهرا من الافتقاد و أيام اعتصار القدر لمصيرنا ، كلمات من قاموس الهيام و لمسات تحدت قوانين الطبيعة المتوازنة ، أشرقت الشمس بأشعتها المقدسة ، لو أن الظلام أبدي .
أصوات ملائكية تتعبد للرحمة ، تمجد ما بين السموات السبع ، تصفوا من الرذائل و تتزكى بالفضائل ، الدنيا الفانية و الآخرة الخالدة ، الزوال للنسبية و البقاء للمطلق . ابحث عني يا دوام حضوري ، لا تلحق بي يا بطاقة رجوعي إلى حيث تضمحلل الأرواح التائهة ، أنا لم أختفي ، بل كنت على المدفئة نارا ، و على مكتبك حبرا ، أنا ظلك في كل زمان و مكان ، أعيش مع دموعك و تنهداتك ، بداخلك أزهر مهجة ، أشهد على ثباتك و سقوطك ، أتيت من وادي الموت نكرة ، بدون جذور ، أتيت من أجلك ، من أجل أن تصلي لروحي للرقود في سلام ، أتيت لك برسالة وداع .
بقلم : هاجر بلهاشمي
No comments:
Post a Comment