بعد انعزال دام لقرون ، و بعد ماضي خالد الذكريات ، خيالك لم يفارق أبدا مقتطفات حياتي ، أثناء شروق الشمس في الجسر المهجور أودع طيفك ، لو أن الظلام كان مهيمنا طوال الوقت ، إن لحظات اضمحلال كيانك مثل الضياع في الخلاء ، حيث لا يوجد سبيل للنجاة من ملاك الموت ، إنها لحظات احتضار بدون وفاة ، لا بل إنه انقطاع شريان البقاء في عالم لا وجود لك فيه ، يا ملاكي العفيف ، بعد رحيلك أبواب الجحيم تفتح و البراكين تتدفق سعيرا في قلبي .
الليل يا ليل الأرواح الضالة ، يا سكينة نفيسة عليك تتحارب النفوس ، كنت أنت مصباح الأمل به أنير طريقي نحو النعيم ، كنت أنت سيفي الأسطوري به أقتل شياطيني ، أنت أنا ، و أنا أنت ، وهبت لك جسدي لتسكني ، عقلي لتملكي و روحي لتأخذي .القمر يا قمر الجمال الآسر ، يا بلورة ثمينة عليك يفتش المنقبين ، لا يزال الشوق محترقا متجلدا على فراقك ، و على عادته يجلس الفؤاد على عتبة الانتظار لعل عنوان اللقاء مع عشيقه يكون حقيقيا ، عهد سرمدي كتب بدمنا الموحد على جدران الاخلاص .
مطاردة شبحك في كل مكان زرناه معا من قبل أصبح هوسي ، لا تركضي بعيدا عني إلى أرض العجائب ، يا عزيزتي ، فأنا أناديك لكي ترجعي إلى حضني ، لحضن ما تنتمي إليه ، لا تختفي أثناء تجمع أقدارنا و عند تصادم عالمينا ، لا تختفي عن ليالي الاستئناس و تجعليها باردة وحيدة ، أنا لم أصدق بعد انفصالك عن الواقع و نزوحك عن الملموسات ، إنه مجرد كابوس يعذبنا بنهابة تعيسة اتصلت بموتك بدون مقدمات و بلا عبارات الوداع في رسالة حبنا .
تهمسين لي في كل الأرجاء : ابحث عني ، تظهرين في بعض الأوقات و كأنك سراب انخدع به ، أثر خطواتك في الثلج نحو قصر العشق واضحة ، عطرك الفريد يمنح لجلدي رونقا لا مثيل له ، ألحانك تعزفينها عند الثالثة صباحا تجعل الذوق يصحى و روحي تخذر مع كل نغمة ، يقولون لي أنها توفت منذ سنين عديدة ، فلماذا لا تنسى و تمضي ، كيف أشرح لهم أنك تزورنني كل يوم ، أنك تعيشين بداخلي ، أتحدث معك و ألمسك ، ينتقدون جنوني لك و يسمونه اظطرابا نفسيا ، حتى لو كانوا محقين ، فأنا أفضل الأوهام و أنبذ الأحزان مع شبحك المتيتم بالماضي ، فلماذا اختفيتي عندما قررت اللحاق بك ؟
بقلم : هاجر بلهاشمي
No comments:
Post a Comment