قبل أن تتوارى الأحلام في العدم، و تنسى كل الذكريات تحت مسمى الماضي، أريد التوقف لبرهة لأحدق أخر مرة في المرآة التي تعكس حطام السنوات المتراكم على قلبي بينما يتهشم مشتاق لكل ما جعله ينبض حياة و يرفرف حبا، لأيام شعلة الأمل المتوهجة في أعماقه، التي كانت توقظ الرغبات المستترة خلف ستائر قيود المحظورات. غالبا ما نرى العيوب أكثر من المحاسن في انعكاسنا، نرى الجروح الداخلية و نتذكر تفاصيل المعاناة التي مررنا بها، تلك التجاعيد و الندبات شاهدة على الحروب التي وجدنا أنفسنا فيها دون سابق إنذار، كل ما كان يشغلنا فيها هو المقاومة للقدرة على الاستمرار، و نظل في مواجهة ضد انحرافات الخطط المحكمة.
لا نملك سوى الندم و بعض الحنين، نتذكر الانتصارات فنبتسم، نستعيد لحظات الوداع الأخيرة و نبكي، مهما حاولنا التراجع عن اقتراف نفس أخطاء الماضي، يظل القدر يطاردنا ليكرر نفس الأحداث بشخصيات مختلفة، و بمشاعر مخمدة، كل هذا ليحاول الايقاع بنا مجددا في دوامة اليأس، حين نفقد الشغف و نعترف بالضعف، إنه ذلك الوقت حينما نغلق بوابة عالمنا على الأخر، و أيضا نفس الوقت الذي نقرر أن ننهض و نهجر حطام الماضي للماضي، ألسنا أبطالا في قصة لا يعرفها سوانا؟
و أنا أستمع لصوت قلبي الوحيد، يراودني شعور التحنن، يا له من محارب شقي يعشق الوقوع في نفس الفخاخ، ثم يأتي مصابا بالخذلان فيشكي علي وجعه، و في كل مرة أنصحه بالانسحاب من الرهانات الخاسرة، أؤكد له أن لا أمل بالاحتفاظ بزجاجة منكسرة، فقطعها لن تنفع إلا في إحداث المزيد من الجروح، لكن مع ذلك لازال ينزف و يردد:" دعني أتحسر، اتركني أبكي كيفما شئت، فلا كلمات و لا مخدرا يزيل أثر الجروح الداخلية".
بقلم: هاجر بلهاشمي
No comments:
Post a Comment