Saturday, July 29, 2023

الحلقة الرمادية


كانت الحياة رمادية المعنى، تدور حول حلقة للأحزان و للسعادة معا، لا تكف عن الدوران حتى خلقت ذلك الشعور البارد الممزوج باليأس و بعض من التيمن، فلا نهاية للمعاناة و لا خلودا للانشراح، كان طريقا مجهولا للوجهة، نسير على أقدامنا و نتحسس مدى خشونة الأرض التي نمشي عليها، فمن توقف أو من عزم على الرجوع إلى الخلف حكم على نفسه بالهلاك، أما من تابع السير رغم كل العثرات التي واجهته، فكان مصيره يحوم دائما حول نفس حلقة الحياة.


كلما سعيت نحو القمة تضيع أكثر و كلما حاولت ان تكشتف الأسرار صفعتك الخيبات، فلاطالما كانت التجارب و الحقائق أساس سعي الشخص للوصول إلى مرحلة الحرية من الأوهام ، إلى هدف الخلاص من قيود الجهل. صحيح من قال أن الزمن نسبي، و أن لكل شخص نطاقه الزمني الخاص به لبلوغ إحدى فترات الوعي الكامل بما يجري، فهذه الحياة صممت بهذه الطريقة، أنه لابد من يوم يأتي تتبين فيه الأوهام و المغالطات، فتتحدد بذلك المسارات الممكنة أمامك، فلا ضباب و لا سراب بعد الآن يمكن ان يخدعك، فهنيئا لمن رأى اللون الرمادي أخيرا. 


في الكثير من الأحيان تتلاشى كل المعاني و ننعدم في الفراغ، إنه الوقت الذي ندرك فيه مدى وحدتنا اللامتناهية، إنه ذلك المكان الذي نجد أنفسنا فيه على حين غرة، إنه نفس المكان الذي ننعزل فيه لبعض الحين حتى نستطيع من حل العقد المتشابكة، هذا المكان الذي يتواجد بداخلنا، الذي نحاول دائما الهروب منه و الخروج إلى عالم الأخر...حين تصبح الأمنية الوحيدة هي التوقف للحظات أو ربما للأبد، إنه نفس الوقت الذي يجب علينا ان ندفع بقوة أكثر لمتابعة الطريق، إنه الزمان و المكان المناسبان لمسح الدموع و لدفن ذكريات الأسى، إنها لحظة الوداع بين نفسك الماضية التي ستسير حتما نحو الخلف، إلى الهلاك، بينما أنت ستمضي مجددا مجهول الوجهة إلى حلقة رمادية أخرى.

بقلم: هاجر بلهاشمي

No comments:

Post a Comment

وردية العمل

  كأن الساعات تتضاعف و الضيق على صدري ينقبض أكثر فأكثر، و القلق يتشكل عرقا على جبيني، أحمِل  تراكمات الأيام و سخط الأمس معي، اترقب موعد حريت...