تحت الحطام، دفنت أجساد و ذكريات، انهارت الجدران الحامية من الحر و البرد و أصبحت سوى خرابا، زلزلت الأرض فإذا بها تنشق و تبلع من يخلق و يرد إليها، أليست الطبيعة بقادرة على تشييع جنازات بلا وقت محدد، نحن كلنا كتب علينا مصير واحد، ألا و هو الزوال.
لقد غادرت أرواح جبال الأطلس البريئة في آن واحد، هاجرت بدون وداع و ربما بلا استعداد، لكنها تركت دموع العالم تسيل من الحزن الشديد، لقد فارقت الحياة القروية البسيطة بين الوديان و الأنهار و سلبت معها العنصر الجمالي الأساسي للمنطقة؛ العيون المتلألئة بالأمل و الرضى، و الخدود المتوردة من الحياء و الحب، و لم يبقى سوى صدى صوت تلاوة القرآن الجماعية بين أسوار الجامع يسمع للقلوب التي في توق أبدي.
غابت الضحكات و تجذر ألم الفراق من أسفل الجبل حتى وصل للقمة، ثم كاد أن يصل للسحب العالية و يجعلها غيوما باكية، ألا تستحق أرض الدمار ان تزهر من جديد، و تشرق شمس الصباح، و تمضي الليالي في هدوء، و تزرع السكينة و الطمأنينة على الناجين.
كم يا ترى من كلمة و دمعة تكفي للمواساة، و كم من الأيام تنقضي لتجاوز ليلة زلزال الأرواح، إنها كباقي ذكريات الفقدان، لا تنسى قط، نعيش بتذكرها و ندونها بتاريخها المظلم، إنها خسارة بلا تعويض، رحيل بدون قدوم، موت بعد حياة.
تحت الأنقاض، وجدت جثت عائلات بأكملها، و بين ثواني الهلاك نجت أفراد أخرى، لكنها فقدت و افتقدت، عانت و لازالت في جنازة مأسوية، لكن بالصلوات و الأمنيات ستزهر القلوب مرة أخرى و تضيء مصابيح الأمل بين عتمة الذكريات القاسية.
فسلام على أرواح أبناء وطني.
بقلم: هاجر بلهاشمي
No comments:
Post a Comment