Friday, January 26, 2024

هدنة سلام مع الماضي


الأرواح أصبحت منهكة بمرور السنين و قلوب لازالت تثمل بجرعات الأمل الزائف، بينما جمعت كل الذكريات على رفوف الماضي، مع كل عنوان كتاب تحيى الجروح العميقة، مع كل صفحة تبتلع الأحداث الحاضر فنتراجع مرغمين إلى ما تركنا خلفنا لنصل ما وصلنا إليه الآن، و حينما نقترب من النهاية نجد أن التعافي أصبح المبتغى الأساسي، فهل انقطع تيار الألم لاشعال سعار الشوق، أو قد أن الندم تغلغل عبر ثغرات الخاتمة المفتوحة. الغبار قد لا يفارق رفوف الماضي، فإلى متى سيدفعنا القلب الثمل في ليلالي وحدته المديدة إلى العودة إلى ما هجرنا، او إلى الانسياب مرة اخرى إلى ما أخفقنا في دفنه باستمرار، رفوف كانت أم قبور؟ ربما الإثنين معا لو تصادف أن الرفوف تحمل بحوزتها عدة شهادات لموت مشاعرنا و أفكارنا السابقة.  

أشعل شمعتي السوداء اليوم، و أمشي بخطوات هادئة نحو القبو المظلم من ذكرياتي، أدعس على صور فقدت ألوانها و أشخاصها، أرتطم بأوزان قصائد أنظمتها بينما أتأمل في جمال ظلامي، أنير الجدران الباردة بسقيع خيبات الحياة بقلبي، فأرى الخربشات المتناثرة في كل الزوايا، أسمع صدى الصرخات المخنوقة تتلاشى بالجوار،أما بتلات الأزهار الذابلة تفرش الأرضية، و عطوري السالفة لازالت عالقة بالقبو تفوح منها روائح أيام الربيع الدافئ مع فقدان الشعور بالاعتدال بين النهار و الليل، فلا شروق شمس و لا ضوء قمر يرى من القبو. 

اليوم ألتقي بكل ذكرياتي الحزينة و لا أتأثر،ثم أودعها بقبل حارة و دموع مالحة، و أقفل القبو خلفي بشكل أبدي.  

بقلم: هاجر بلهاشمي

No comments:

Post a Comment

وردية العمل

  كأن الساعات تتضاعف و الضيق على صدري ينقبض أكثر فأكثر، و القلق يتشكل عرقا على جبيني، أحمِل  تراكمات الأيام و سخط الأمس معي، اترقب موعد حريت...