كنت أراها بعيون بريئة، لا تعرف شيئا عن الوحشية التي يمكن ان تظهر على الانسان عندما يتعرض إلى الظلم الذي يجعله ينفصل عن الواقع، و يسير نحو الهلاك غير واعي بكل ما يحدث من أفعال لا يمكن وصفها ضمن الأفعال العادية او بالكاد الانسانية، إنها فجوة جشعة لا تكتفي أبدا من استهلاك بعض من الروح المتبقية منك، او من الشعور المخفي في أعماق ادراكنا. كانت تلعب بكل مرح و حيوية، تستمتع بالحياة الهادئة، و بالعصافير المغردة، تقطف الزهور الذابلة و تزين بها شعرها الحريري، مآمنة بمنطق ان ذبول الأزهار ليس بالمصير الأخير لهن، فحتى لو أحسسنا أننا بالفعل مجرد أحياء ميتون فلازلنا نستحق فرصة أخرى لاستنشاق نسيم الصباح الذي يخلصنا من دخان الأمس المتكدر.
من لمعان عيونها من السعادة إلى دموع عينيها بالبؤس و الانتقام
في عالمها الورود الجميلة لم تعد تزهر، فقط ذابلة بدون عطر
هُجرت وحيدة مع الشقاء تحارب لتنجوا من مخالب الوحشية
عندها فقدت الادراك و الاحساس معا، لا تكاد تتعرف على نفسها في المرآة
تسير بدون روح، و بقلب ضائع، تخطوا نحو الهلاك
حينها أصبحت واحدة منهم، أو ربما أسوء، سفاحة تقتل بدون ندم
أصبحت أراها بعيون دموية، تسعى إلى تحقيق السلام في أوهامها، كانت أشبه بالنائمين في كابوس مرعب، لا تستطيع أن تستيقظ أو أن تهرب من القوى الشريرة التي جعولها تكتسب، لكنها كانت تشاهد في صمت موت أعدائها واحدا تلو الأخر كما تمنت بدون وعي، تحاول النسيان و المضي لكن الماضي يسحبها من جديد إلى لقاء أكبر مخاوفها، فيقشعر جسمها و تغلق عينيها غير مصدقة لما فعلته بيدها الناعمة، كما أنها لا تكاد تستحمل كل تلك الدماء التي لطخت فستانها الأبيض الملائكي، تريد الصراخ بأعلى صوتها لطلب النجدة من نفسها، لأن أكبر كابوس في حياتها أصبحت ذاتها، لكن الصمت كان صوتها و الشيطان خادمها، أما الهلاك عالمها، حيث ترسل كل من كان سببا في تخديرها بالألم، فكلكم هالكون في لعنة العاقبة.
بقلم: هاجر بلهاشمي
No comments:
Post a Comment