لقد اختارت الحياة على الموت، تركت قلبها مبعثرا على طاولة القدر، تستغيث بأوهام الآمال، تنتظر تلك المعجزة التي لطالما ما تمنتها أن تحدث، تكافح الندم بحجة اليقين برحمة السموات، لكنها تخلت عن روحها لتبقى معلقة على جدار الفراغ الداخلي، إنها تنهزم في كل مرة تحاول ان تهدأ فيها الأصوات الشيطانية التي تهمس في أذنيها كل يوم باللحاق بالألم نحو الهاوية، يا لحسرتها لاختيار حياة لا حياة فيها.
لا ضوء القمر في الليل المظلم يروقها، و لا أشعة الشمس المنسدلة على شعرها تشعر بها، حتى طرب الموسيقى الصاخب لم يعد يحمسها، تنظر للألوان كأنها مثل بعضها البعض، فلا لون يمثل مصيرها البائس، كانت في ذلك اليوم الذي يشبه باقي الأيام في حياتها، تحرك أصابع يديها لتلمس حبات الرمل الصغيرة، بينما تتأمل أمواج البحر الهائج، تفكر في كم من صفعة خيبة تلقتها في الآونة الأخيرة، ثم بعد ذلك تدخل إلى البحر و تتعمق فيه أكثر فأكثر حتى تكاد تشعر بنوع اخر من الاختناق، لقد كانت تتلذذ بذلك الشعور، شعور الاحتضار، و كأنه سوى انتقام لكل ما اقترفته من سيئات لتحصل على المزيد.
سماء بدون غيوم، و بلا نجوم، أرض بدون أشجار و لا أزهار، فؤاد بدون حب و بلا إيمان، حزن بدون ألم، و ندم بدون ماضي، الحقيقة بدون شك قبلي، وهم متجسد على هيئة الرغبة؛ كل هذه العناصر تنتمي إلى لوحتها، لوحة الحياة بلا حياة، لقد كانت على عتبة الرحيل الأبدي، تختنق بقوة و جسدها يغرق رويدا رويدا في ظلمات المحيطات، يزول وجودها و يتلاشى جوهرها في ألامكان، لكن البؤس مطاردها، أما الهلاك مصيرها، تتراجع الأزمنة و كل شيء يتغير لتجد نفسها لازالت تتأمل أمواج البحر أمامها، لتنهض و تتراجع بعيدا عن النهاية، فقرارها هو الوحيد الذي لن يتغير، قرار اختيار الحياة مهما أغراها الموت بفرصة الانفصال.
بقلم: هاجر بلهاشمي
No comments:
Post a Comment