لطالما خُيِّل إلي أن القلم لا يكتب بدون الهام، و أن الروح لا تَثْمِل إلا بعد احتساء كل انواع المشاعر المبعثرة في آن واحد، بينما أن الواقع ينقذ مفاهيمي الأولى و يبرهن على أن القلم يصاحب روح الكاتب، و لا يفارقها أبدا حتى لو غاب الالهام و طغى الضجر على ليالي خلوة القلب مع كلماته الصادقة ، يظل الشغف في الأعماق حاضنا على يقين لقاء الروح بتدفقات المشاعر يوما ما.
البدايات و ما أدراك ما البديات، تردد و تخوف، جرأة و مجازفة، مثل البحث عن الخيط الأول المفقود بين تشابك الأفكار و في صراع الخطابات، حتى أن المداخل تتشابه فيما بينها في حين أن هناك مدخلا واحدا أوليا لعبور ممرات الحيرة و التخلي لبلوغ مقصد تجاوز البداية و الشروع الفعلي في التوغل في ثنايا العرض الأساسي، إنها بالضبظ الخطوة الأولى لليائس عندما يعزم على اعتزال الظلمات و على التقدم نحو أنوار الأمل، لقد كانت خطوة بدون تطمين إلى بداية سرمدية العتمة أو إلى الخلاص التام.
و لا تزال الروح تحوم حول مشاعرها المهتزة بين الرحيل و البقاء، بين قبلات الوداع و ذكريات الماضي، و بين تألمها من أشواك عواقب دوامها، فتظل هذه الأخيرة متمسكة بالبداية و تظن أنها قد امتلكت النهاية معها، غير أنها تظل غافلة عن تعلقها بينهما، معلقة بنصف الأشياء.
يختلج الفؤاد في الليل المُقْمِر، فيستأنس بالأوراق البيضاء مع الأقلام السوداء، ثم ينوح حروفا و كلمات، و يعظم تزاوج تعابيره المبهمة مع بعضها البعض، اللذين يشكلون معنى لكل ما يتراكم عليه من شعور و أفكار، فتُنجَب قصائد و خواطر، فيُبدِعُ في وزن قوافيها و في كتابة عناوينها، ليصل إلى خاتمة ليلته.
بقلم: هاجر بلهاشمي

💜💜💜💜💜
ReplyDelete