Wednesday, August 20, 2025

وردية العمل


 كأن الساعات تتضاعف و الضيق على صدري ينقبض أكثر فأكثر، و القلق يتشكل عرقا على جبيني، أحمِل  تراكمات الأيام و سخط الأمس معي، اترقب موعد حريتي لكن الثواني تتمادى و الصبر يُستنزف، عاجز تماما عن إخماد نيران الاعتماض بداخلي، يكاد أن يفر اللهيب من عيناي و يلسع ما بجواري، لكن سرعان ما تلاشت شعلة الغضب بعدما انهارت قواي، لكن أنا مجبر على توهيم جسدي المتهالك بالمواصلة حتى لو كان يتطلب ذلك الزحف، مكره على سحب روحي الخاملة نحو شقاء الحياة

الفراغ من أعدائي، و العمل سيفي القاهر، أهاجم الكسل من كل الجهات، أجاهد لضمان القوت اليومي، إن إنجاب الشغف عبر الكد و الكدح هو المبتغى الاسمى. لكن لما لازالت أتذمر من وجودي هنا ؟ ربما فقط أن المنجاة من خصومي يحتم بعض التنازلات، أحارب اللاشيء مبتعدا عن جحيم الراحة السرمدية، على خطوات مجاورة للهديان أكاد أفقد يقظتي.

أتصبب جنونا، و أتصلب منذ أمد بعيد على مكتبي الرتيب، بينما تفيض المهام، أراقبها و هي تتسابق معي على الوقت، عندما أتخلص من نصفها، تتكدس أخرى فوق بعضها البعض، فأهجرها لوهلة لأفتح النافذة لأتأمل شجرة الزيتون، شجرة المقاومة و الاصطبار، إنها موعظتي النافعة على أصول الثبات و أسرار النجاة، فأتراجع عن عنادي و أكمل عملي...عندما تستسلم للواقع تمر الساعات على أنماطها المنتظمة و تنقضي بذلك وردية العمل. 

بقلم: هاجر بلهاشمي

Wednesday, August 28, 2024

سياريس إلى نجاة


بعد غروب الشمس و هيمنة القمر المتوهج
تضيع روحها في ظلمات الليالي و تهاجر عبر البحر المتموج
تتزامن الأمواج مع نبضات قلبها الهائج
تريد استئصال أفكارها عن تراكمات الشعور المائج

شريط السنين الماضية و مشاعرها المبعثرة
الأحلام الأسيرة و عيونها الدامعة
الكلمات العقيمة و الصفحات الخالية
العناوين المطموسة و المنازل المنبوذة

حينما تميل أشرعة سفينة خلاصها
فيبدوا كل شيء بعيد المنال
عندما تنكسر البوصلة و ينحرف اتجاهها
فتشتت الطرق و يسوء الحال

تسير على الرمال المبللة بينما تستسلم خصلات شعرها للرياح
تكاد النجوم تسقط على ردائها القاتم، فإذا بلمعانهم ينير  كالمصباح
حزنها الداخلي لا يعدوا ان يكون إلا قطرة بالمحيط مالحة
صوت ينادي باسمها من أعماق البحار، يستحضر جذورها المنسية

"سياريس" تحرري من القيود
"سياريس" تصدي للمكائد
"سياريس" انفصلي عن الحب الخامد
إلى أبدية الخلود لك الوعود

المضي للقرون و الثبات للصخور
القلب المرهون لحبكة الأقدار
الماضي المدفون على قبر الأسرار
إلى الغد المقرون بالأمس، ندبة الندم تقتضي الطمر

سياريس تصطدم بالموجة الأولى ثم تتقدم نحو الثانية، تسعى لتحدي التجاج البحر من خلال الصمود أمام اندفاعاته العنيفة، مع كل خطوة تنغمس قدميها في الرمال و تتسرب البرودة إلى أعماقها، تتنهد يائسة ثم تستنشق الهواء المتكدر بروائح الموت. منسوب المياه يكاد يغرقها و يغرق روحها الهائمة سرمديا، بين لحظات بدأت تغوص تحت ظلمات البحر، و لازال الهمس يتردد في أذنيها يناديها باسمها.

"سياريس" لما الدموع العذبة؟
"سياريس" أهو حنين لليابسة؟
"سياريس" أم أنها فقاعات الأمل الأخيرة؟

لكن بقلب سياريس الرجوع إلى اليابسة يهيمن، مع أنها عازمة على الانصات للصوت الذي دائما ما يناديها إلى التخلص من الخوف الأخير و إغلاق عينها أبديا،
و فعلا تستسلم و تتجاوز بذلك فطرة البقاء...

"سياريس" في حظن الظلام
"سياريس" أثناء محاولتها الرابعة للانهزام
"سياريس" لم يحن بعد آوان السلام

بعد شروق الشمس و انجلاء الأفق
كانت سياريس تستلقي على اليابسة
تصحو على نغمات الأمواج الشقية
تتنسم أريج الحياة
و تدون تاريخ الولادة
و تسمي نفسها نجاة

بقلم: هاجر بلهاشمي 

السطر الأخير لك


أحاكي خيالك المنجلي بين ثغرات الماضي بينما أنسج رداء التوق من خيوط مرارة الفراق
أيام تتشابه فيما بينها بسياقها الضيق على النفس و مشاعر هائمة في سيلان وديان الأعماق
يتراكم الندم على اللوم، فيتعاظم الألم
يأثم القلب بذنب التعلق بالحب السام، ثم يتنهد متهدما راكعا متضرعا لجرعة السلوان
عندما تذوق الترياق صرخ بالموت لتضليل العاطفة ثم بكى على جثمان روح الأمس المذانة
يتفانى الانسان في السكون عند ميلاذ الخيبة
لكلماتي الخلود و لهزائمي نصر شرف الارادة
لذكرياتي التخطي و لروحي البراءة و الحرية من السجن الفاني
لطالما كان الليل للاختلاج، للظلام و الأحلام
أما عن ليالي الشارد بما مضى فهي دموع، حسرة و انهمام
تسير أفكاري على خطى حروف كلماتك الأخيرة
ترددات صدى الوداع و أنين فؤادي
يتلاشى ائتماني إلى هاوية الظنون
الضياع للضياع و النسيان للنسيان
في الحنين للماضي الدفين شجن وجنون
في أمل النجاة اطمئنان و يقين
يا لغرابة الاقتران!
في غيابك دجنة الانعزال و تأمل للألحان
لوعودك الزوال و التأسّن
فليكن هذا السطر الأخير سجينا لنهياتنا
بقلم: هاجر بلهاشمي

Monday, March 18, 2024

روح الكاتب

 


لطالما خُيِّل إلي أن القلم لا يكتب بدون الهام، و أن الروح لا تَثْمِل إلا بعد احتساء كل انواع المشاعر المبعثرة في آن واحد، بينما أن الواقع ينقذ مفاهيمي الأولى و يبرهن على أن القلم يصاحب روح الكاتب، و لا يفارقها أبدا حتى لو غاب الالهام و طغى الضجر  على ليالي خلوة القلب مع كلماته الصادقة ، يظل الشغف في الأعماق حاضنا على يقين لقاء الروح بتدفقات المشاعر   يوما ما.

البدايات و ما أدراك ما البديات، تردد و تخوف، جرأة و مجازفة، مثل البحث عن الخيط الأول المفقود بين تشابك الأفكار و في صراع الخطابات، حتى أن المداخل تتشابه فيما بينها في حين أن هناك مدخلا واحدا أوليا لعبور ممرات الحيرة و التخلي لبلوغ مقصد تجاوز البداية و الشروع الفعلي في التوغل في ثنايا العرض الأساسي، إنها بالضبظ الخطوة الأولى لليائس عندما يعزم على اعتزال الظلمات و على التقدم نحو أنوار الأمل، لقد كانت خطوة بدون تطمين إلى بداية سرمدية العتمة أو إلى الخلاص التام.
و لا تزال الروح تحوم حول مشاعرها المهتزة بين الرحيل و البقاء، بين قبلات الوداع و ذكريات الماضي، و بين تألمها من أشواك عواقب دوامها، فتظل هذه الأخيرة متمسكة بالبداية و تظن أنها قد امتلكت النهاية معها، غير أنها تظل غافلة عن تعلقها بينهما، معلقة بنصف الأشياء.
يختلج الفؤاد في الليل المُقْمِر، فيستأنس بالأوراق البيضاء مع الأقلام السوداء، ثم ينوح حروفا و كلمات، و يعظم تزاوج تعابيره المبهمة مع بعضها البعض، اللذين يشكلون معنى لكل ما يتراكم عليه من شعور و أفكار، فتُنجَب قصائد و خواطر، فيُبدِعُ في وزن قوافيها و في كتابة عناوينها، ليصل إلى خاتمة ليلته.
بقلم: هاجر بلهاشمي

Friday, March 8, 2024

حقيقة الغريب الأخر


بعدما تُوِّج الحب على عرش قلبها المهجور، تلاشت هموم الحياة و مصاعبها، و أقدمت بدون وعي على التخلي عن يأسها و شجنها، ذاب الجليد من أراضي أحلامها، فانبثقت بذلك ذروة أمنيات الغذ القادم بالبشرى، إنها تقدِم على نسيان كل ما عصف بها من قبل، و تصِر على إزالة أشواك الماضي اليائس من ورود الحاضر، لقد اعتبرته حاضر نهضتها المرتقبة، مع أن شكوك أوهامها تحاصرها و خوفها المتجذر يقيدها، تحدت نفسها المستسلمة الهالكة في معارك الفشل و الضائعة بين زنازين عقدها و صدماتها النفسية العميقة.

لقد سارت على نهج جنون الحب، لتصادف في منوالها كلمات الغزل المتمردة، و أساليب التعبير العنيفة للهوس، فسلمت روحها لملاك العشق لعل اسم محبوبها مرتبط باسمها في كتاب القدر، أما قلبها فهو معلق بين أحضان أنفاسه الدافئة، بينما تسير مغمضة العينين، مجازفة في اختيار الطريق الآمن، غافلة عن وجود العثرات أثناء مضيها. تصادف ساحرة صوتها ناعم و بارعة في الكلام، تخبرها بأن نهاية قصة حبها تراجيدية، فلا جدوى من ملاحقة أشباح الأمنيات، و أن لديها طريقة لفك تعويذة الحب، فهل هي راضية عن تجاهل خاتمة قلبها الخاسر في هذه الجولة؟

تتناسى و تحاول تجاوز انكسارها
تتظاهر بشفاء كدمات روحها
تسير في درب الماضي
تكتم أنين قلبها و تمضي
الأشواك و الورود بقدر مجتمع
الألم و الأمل وجهان للدمعة و الشمعة
وعد البقاء
وهم اللقاء
هجر الأحباء
فهل كان الحب كذبة أم لعبة؟
أم أن القلب عجز على إدراك الحقيقة
حقيقة الغريب الأخر
بقلم: هاجر بلهاشمي 

Friday, January 26, 2024

هدنة سلام مع الماضي


الأرواح أصبحت منهكة بمرور السنين و قلوب لازالت تثمل بجرعات الأمل الزائف، بينما جمعت كل الذكريات على رفوف الماضي، مع كل عنوان كتاب تحيى الجروح العميقة، مع كل صفحة تبتلع الأحداث الحاضر فنتراجع مرغمين إلى ما تركنا خلفنا لنصل ما وصلنا إليه الآن، و حينما نقترب من النهاية نجد أن التعافي أصبح المبتغى الأساسي، فهل انقطع تيار الألم لاشعال سعار الشوق، أو قد أن الندم تغلغل عبر ثغرات الخاتمة المفتوحة. الغبار قد لا يفارق رفوف الماضي، فإلى متى سيدفعنا القلب الثمل في ليلالي وحدته المديدة إلى العودة إلى ما هجرنا، او إلى الانسياب مرة اخرى إلى ما أخفقنا في دفنه باستمرار، رفوف كانت أم قبور؟ ربما الإثنين معا لو تصادف أن الرفوف تحمل بحوزتها عدة شهادات لموت مشاعرنا و أفكارنا السابقة.  

أشعل شمعتي السوداء اليوم، و أمشي بخطوات هادئة نحو القبو المظلم من ذكرياتي، أدعس على صور فقدت ألوانها و أشخاصها، أرتطم بأوزان قصائد أنظمتها بينما أتأمل في جمال ظلامي، أنير الجدران الباردة بسقيع خيبات الحياة بقلبي، فأرى الخربشات المتناثرة في كل الزوايا، أسمع صدى الصرخات المخنوقة تتلاشى بالجوار،أما بتلات الأزهار الذابلة تفرش الأرضية، و عطوري السالفة لازالت عالقة بالقبو تفوح منها روائح أيام الربيع الدافئ مع فقدان الشعور بالاعتدال بين النهار و الليل، فلا شروق شمس و لا ضوء قمر يرى من القبو. 

اليوم ألتقي بكل ذكرياتي الحزينة و لا أتأثر،ثم أودعها بقبل حارة و دموع مالحة، و أقفل القبو خلفي بشكل أبدي.  

بقلم: هاجر بلهاشمي

Thursday, December 14, 2023

زهرة قلبي

 



تتألق زهرة الحب في قلبي، و تنجذب روحي لبريق الأمل في عينيه الداكنتين، تلتهب مشاعر التوق و تنسجم الخواطر فيما بينها، يفر الهدوء نازحا من أرض العشاق و يهجم الهيجان معلنا عن تموج الأمنيات و هزات الميولات، فيغرق الجوى في أعماق رغبتي، و تدفن تفاصيل جوهره مع ذاكرتي المتوقدة.

أحلامي الحمراء الدامية تراودني في كل ليلة هُجرت فيها، تلاحقني أطياف الوحدة في كل غرف روحي الفارغة، و تستقر معي على عتبة البوابة الفاصلة بين الخيال مع الواقع، يطول الانتظار و تنهار أوهامي، تذبل كل الزهور فتجف أنهار حبي، يختفي اللمعان فتفيض دموعي، أسمع النبضات و الصرخات، أشعر بالدفئ و بالتفاوت ، ثم أرى أنني بين نيران جنتك الهاوية. 

حقيقة كان أم حلما؟
أظن أنه سحر يقود نحو الخراب الملعون بتلقائية، بل أقرب للمتاهة بدون طريق للرجوع و لا للخروج، متاهة للقلب في الفردوس العليا، عذابا للروح في الجحيم السفلي، كل الأنفاس مضطربة و الأفكار مختلطة، بدون قوانين ثابتة و لا بمسارات محددة، زرعت زهرة الحب بدون تربة، و أسقيتها من حنانك و اهتمامك، غرست معها كل أمالي المستنبطة من بريق عينيك، أمال الولاء لموسم الربيع لتفتح زهرتنا و أماني البقاء الأبدي على أرض العشاق المحتلة بهيجان قلبينا معا.
بقلم: هاجر بلهاشمي

وردية العمل

  كأن الساعات تتضاعف و الضيق على صدري ينقبض أكثر فأكثر، و القلق يتشكل عرقا على جبيني، أحمِل  تراكمات الأيام و سخط الأمس معي، اترقب موعد حريت...