Saturday, March 11, 2023

سهم الالهام


في ليل الحنو على ذكريات عالقة في باطن الفكر، و عند جفاف أراضي الحنان الناتج عن الافراط في دوامات الوحدة المطلقة، اعترفت النفس بالنزعة إلى أيام الايناس، إنه من بهاء الفطرة التي لا حياة بدونها، منها نخلق البقاء و العشرة، نزحف نحوها بدون اكثرات و كأنها وجهة متاحة للكل، بل إنها أصل الاقلاع و البلوغ، نستضاف فيها في كل الأوقات، و نستكشف بين غرائبها أسرارا تقود إلى ألفتها، فلا نكتفي من اللحاق بكل أطيافها المبهرة و مشارفها الآسرة، و نتجاوز الأمر إلى ملاطفة سحبها و التغلغل في مناطقها المحرمة، فلا حدود للرغبات، فلما العتاب؟ 

إنني أسيرة لأمواج البحر و لأصوات الغابة، مفتونة برونق الجبال العالية و السماء الزرقاء، حالمة بمجد الكلمات و ببلاغة المشاعر، مصاحبة لأبدية الفن و إبداعاته، فلا حجاب على التهابات الالهام الذي يصيب روحي.


نار على نار، و في قلبي شوق محترق 

رماد على رماد، و في روحي مشاعر تنبثق

أثار على أثار، و في الذاكرة ماضي يتدفق

افتقاد في افتقاد، فمتى اللقاء؟ 

لطالما ساند الصعود إلى قمة السماء

إلى تحقيق الأحلام بعد الشروق

شهيد في حرب التعشق 

فريد في التعبير الصادق

و مجسد لوعود الوفاء 

فؤادي

المتمرد

على حدود

الرضاء

بقلم: هاجر بلهاشمي

مشقة المواصلة


حين تصبح المواصلة في أي شيء عبئا ثقيلا على صدرك، و حين تتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق داخل عقلك فقط، إنه وقت عصيب و موسم ذبول الأزهار، تجرد الطبيعة من ألوانها و عطورها و تفقد الأشياء معانيها فتحاط بالفراغ، و تجد نفسك على حافة الهاوية مستغربا كيف وصلت إلى هنا و ماذا يجب عليك أن تفعل غير أن ما عليك فعله واضح جدا، ألا و هو التراجع للخلف و العودة إلى بر الأمان، لكن أنت الآن لازلت محتارا بين الرجوع أو البقاء. 


نحو التوازن و إلى الاستقرار تسعى النفوس، انها معادلة حب الذات، مجهولها ينتمي إلى مجال الرضى بأعمالنا و قدراتنا، الحل دائما أمامنا لكن سراب الأوهام يحجب عنا مخرج الهروب من كل ما يقيدنا في زنزانة اليأس، في التفكير في إمكانية وجود الحل لتلك المعادلة المعقدة للحياة، ليت التحرر من كل ما يسحبنا إلى عبودية الأحزان مجرد جرح يشفى مع الوقت، و لعل الشفاء من مخلفات الماضي يكتسب من حاضر مزدهر، يستطيع أن يحضن ذكرياتنا المتشردة و يبني لها مأوى فتترتب في ذاكرتنا و نمضي. 


من التجارب الفظيعة نقتات القوة للمواصلة، و من الأخطاء السابقة نتعلم مهارة تصحيح اختياراتنا، لكل تلك الدموع التي بكاها قلبنا من وجع الانكسار، و كم من مرة تمزقت روحنا من الخيبات المتتالية فأصبحت بائسة. أنا أرى فيك شعلة حياة باردة، تدفعك نحو الشقاء أكثر فأكثر، تحترق و تتحول إلى رماد، تعصف بك الصدمات و تتغير بك الأحوال إلى تخفيض التوقعات العالية، لذلك الأمل للنجاة من اختناق حبل المشنقة حول عنقك، و لضوء القمر و النجوم في الليل الأدهم، انهض و واصل حتى لو أصبح  كل شيء بلا معنى.

بقلم: هاجر بلهاشمي

كلمات و قبلات


في ملتقى أحلامنا الوردية، تبادلنا النظرات ثم الكلمات، و عند ملامسة روحي لفردوس مشاعر الحب الحقيقية، انسجمت مع نغمات الهيام التي يعزفها فؤادك في موسم تزاوج الازهار ببعضها البعض. إنه فصل الربيع يا محبوبي حين تعتدل الطبيعة و تستقر، أثناء موعد تفتح الورود ستحررني من قيود السبات العميق لأحيى فأحيي تلك المشاعر الدفينة النائمة بداخلك، إن ندى الصباح المشرق يبلل أوراق الأشجار الخضراء لتسقط على شفاتك قطرات تسقيهما فتنة، يا لجحيم الرغبات المستحكمة على الغريزة الطبيعية، دع كل تلك الأقوال جانبا و قدني نحو جنون اللهفة، إنه وقت ليس كالذي مضى في عبارات التلطف، لقد حان أجل احتراق ألسنتنا بنار خلق ذكريات ودودة معا، لنزهر في أرضنا الخصبة و نتذوق من ثمارها الطيبة، لنجمع بين النجوم و السحب و نغرم أثناء الليل و النهار، أن نبكي فرحا و نهلل تحت المطر.

شاي بالياسمين 

و بذور النسيان 

جمال يهون 

و روح تفطن 

الماضي الحاضن 

و سعي نحو الظنون

شجرة الزيتون 

و القلب الميمون

عند انفصالنا عن الأحلام و رجوعنا إلى الواقع بعدت المسافات و اشتاقت النفوس لمواعيد اللقاء و حزنت القلوب من الانتظار الذي لم يحدد وقت انتهائه بعد. تبادلنا الرسائل و الكلمات، و عند تصديق اعترافات الحب الصريحة، أمنت على تسليم مفاتيح الباب المؤدي إلى بلورة نفسي، فعطفا على مشاعري الرقيقة و على حنو قلبي الهش، ففي حنان الأحضان و صبابة القبلات كلمات هامسة لنبضان الفتون.

بقلم: هاجر بلهاشمي

تذكرة قطار النسيان


أنا و خيبات أملي في محطة الضياع، تلومني على توقعاتي العالية التي جعلتني أحلم بطبيعة خضراء مزهرة، تسود فيها أشجار كثيفة الأغصان و على أوراقها يمكن أن تكتب قصيدة الأربعة أشطر، في كل مكان تجد الأرانب اللطيفة تأكل من ربيع حقولها الشاسعة، بين هضباتها انزلاقات مسلية و مدهشة، يأسرك الفضول لاكتشاف ما تخفيه عنك من جمال اخر خلف أسوارها، من أنهارها الجارية التي تطهر كل ما  قد تحمله من أتعاب و هموم، كأنها مياه مقدسة تزيل عنك كل الشرور و السيئات، و لا يمكن أن لا تفتن بقهقهات حوريات النهر الحُسْنيات، و أن لا تعشق تفاصيل ملاحة أرواحهم الصافية... و قلبي الذي يخفق انبهارا من غروب الشمس و من ارتداء السماء لوشاح الليل المزين بنجوم لامعة توحي بلوحة معناها يميل نحو اسم "الظلام حول الشمس" حيث الأمل لازال يوجد بين ثغرات الألم، حين يأخذك الفراغ إلى اللامكان و يظهر خليط اللونين الأبيض و الأسود لتتوارى بين درجات اللون الرمادي، في كفن الاستحضار معجزة نجاة، و بين أمواج البحر الهائج قوة هائلة توجه سفينتك للفرار إلى بر الأمان، حين تدرك أن أبدية المعاناة ليس بعقاب و إنما بخلاص من سجن الأوهام، و هنا ينتهي الحلم بعاصفة ثلجية تحجب كل هذا الجمال تحت طبقات بيضاء، تكاد توهمني باختفاء كل ما أسرني من قبل ليتجمد قلبي في قلعة الزمهرير.

و لازلنا ننتظر قطار النسيان في محطة الضياع، كانت تذاكره عبارة عن شهادة تعلم درس محدودية التوقعات، في هذه المرة قلبي يهتز صدمات و اخفاقات، يصرخ مناديا الذكريات للرجوع، و يبكي أثناء لحظات الوداع.

بقلم: هاجر بلهاشمي

سافر بروحي


عبارة أرفع قلمي و أكتب على الورقة قد انتهى زمانها بالفعل، الآن ألمح انعكاس وجهي على شاشة هاتفي قبل أن أستخذمه و أنا في أوج الاستلهام من المحيط الخارجي، من طبيعة، أشجار و طيور، و من خبايا الأفكار الداخلية، من أراء، تأملات و استنتاجات، أصابعي تضغط على الحروف بدون أي تركيز نظرا لاستخذام لوحة المفاتيح مرات عديدة. الشمس الساطعة تغازلني بأشعتها اللطيفة و الأشجار يخيل لي أنها ليست تابثة، تتحرك ثم تختفي من مجال رؤيتي، لكن الأمر المنطقي هنا أنني التي تسافر و تبتعد عن مكان الانطلاق، إن الجبال الشاهقة و الأنهار تقاطع كتابتي و تلهمني أكثر، فأميل إلى وصف جماليتها و مدى تأثيرها بنفسي المتأملة، السحاب أيضا يأسر اهتمامي بأشكاله العشوائية التي تدفعني إلى محاولة تفسيرها و تمثيلها بأشكال أدركها، أليس هذا ممتعا؟


في هذه الطريق أتنقل ذهابا و إيابا، و لا أتوقف عن مشاهدة المساحات الشاسعة التي تعطي طعما للسفر، مناظر تصادفها مرات قليلة في الحياة اليومية في ازدحام المدن و اختناقها من أعمال البشر الأنانية في استعمار الأراضي الخضراء... إنه منظر أخر يجذبني في كل مرة أراه، أرض خصبة زراعية، و بقر و أغنام تعيش في كل هدوء غير مبالية للأحزان و لا للمشاكل الدنيوية التي تهلك عقل الانسان، ثم هناك الرمال الذهبية التي تكتسح أغلب المساحة، لأرى بعد ذلك خلف هذه الكتبان الرملية بحرا منعشا للروح الجافة، و لا تكف هذه الطبيعة من ابهاري و كذلك التطور الذي وصل إليه الإنسان بعدما صلحت ميولاته و توجه بها نحو الصالح العام، إنه مزيج من الفكر و الطبيعة، الناتج عن الابداع الرباني.

بقلم: هاجر بلهاشمي

مشاركة الحزن


للقلوب الحزينة أكتب، و في ليالي الخذلان أواسي، ما بين الخيال و الواقع أنت غارق يا عزيزي، لأحداث حدثت ليس كيفما تمنيت، و لأحلام تبخرت مع سراب الحياة، الآن أنت تبكي و دموعك لا تشفي شيئا من آلامك لكنها تهدأ من العاصفة الداخلية التي تكاد تدمرك كليا من مشاكل اجتماعية و نفسية، أدرك صعوبة الأمر و مدى انحدار بر الأمان و حقيقة عدم ضمان أي شيء بالوقت الراهن، فأنت تأخذ من التراكمات العاطفية سببا آخر للاحساس بوجع أكثر لتشبع رغبات الظلام في تمويه الطريق إلى النور، طريق العودة إلى السلام و الطمأنينة، إلي نفسك القديمة السعيدة و الراضية على ما كنت عليه... مخلفات المعاناة سامة و تأثر في أنفسنا، الهروب منها هو أكبر خطأ نقع فيه، و مواجهتها ليس دائما الحل الأفضل لاصلاح كل ما تكسر من قطع من روحنا، و كما أعتقد أن الخطة الفعالة هي محاولة التقبل و التعايش مع الألم، خاصة مع نوع الألم الرافض لمفارقتنا مهما تخلينا و ابتعدنا عليه، لأنه سيظل يلاحقنا في كل مكان هاجرنا إليه، لأنه أصبح مرافقا لوجودنا، بدونه قد نغترب عن أنفسنا.

أن نعيش مع بعضنا البعض، بل و أكثر من ذلك أن نتشارك خاصية التفكير و العاطفة، و أن نسرد قصص تجاربنا و مدى تأثرنا و تأثيرنا على محيطنا، إنها نعمة تخول لنا التعلم و أخذ العبرة، و كذا التحفيز على المضي قدما لأننا ببساطة لسنا الوحيدين داخل دوامة الاحباط و الفشل، فقط الشعور بالآخر الذي يعاني مثلك أو أكثر يقدر أن يخفف من وجعك أو أن تصبح مهونا عليه. الأمر الصعب هنا هي في حالة عدم امكانية الشعور بأحد بك و لا القدرة على تفهم ما يجري لك، هنا تغرق في بعد الانعزال و الاستسلام في بعض الأحيان في معركة نفسك ضدها، لذلك في الاجتماع و المحبة دواء خفي نكتشفه في وحدتنا المطلقة و نشعر به عند مشاركتنا بما يعذب أرواحنا.

بقلم: هاجر بلهاشمي

وردية العمل

  كأن الساعات تتضاعف و الضيق على صدري ينقبض أكثر فأكثر، و القلق يتشكل عرقا على جبيني، أحمِل  تراكمات الأيام و سخط الأمس معي، اترقب موعد حريت...